موضوع التكنولوجيا وفوائدها للإنسان حديث طويل ومتشعب، فقد أصبح من النادر اليوم أن تجد مجال من المجالات ليس للتكنلوجيا اثر في تحسينه أو تسهيل حياة الإنسان فيه، أما اليوم فما نحن بصدد التركيز عليه، هو تأثير التكنولوجيا الحديثة في عملية تعلم اللغات لانه من التخصصات التي تحظى باهتمام فئات عديدة في مختلف المجتمعات, فاليوم لغة واحدة لا تكفي بل الفرد بحاجة إلى تعلم لغة أو لغتين بأقل تقدير بجانب لغته الأم، حتى يخلق لنفسه فرص عديدة على الصعيد الوظيفي، ويزيد من فرصه في السفر إلى الخارج، الحلم الذي أصبح يراود الجميع هذه الآونة والذي يحتاج بالطبع إلى تعلم لغة جيدة أو أكثر لإمكانية التواصل مع أهل البلد , و تعلم لغة جديدة لا يكفيه كتاب أو قاموس، بل يحتاج لحلول إبداعية متعددة، وقد قدمت التكنولوجيا ولازالت تقدم الكثير من الحلول التي تساعد المتعلم للوصول إلى هدفه على أكمل وجه.هذا واختلف تعلم اللغات في السابق عن الآن كثيرًا ففي السابق كانت الإمكانيات محدودة للغاية وكان التعليم مقتصرًا فقط على المؤسسات التعليمية كالمدارس والجامعات، أو معاهد الدوارات التدريبية، والطرق محدودة على الاستماع للمعلم وتدوين الملاحظات وهذه هي الطرق التقليدية التي كانت تحتاج لوقت طويل من أجل الوصول إلى نتائج واحتراف المتعلم للغة ,أما اليوم وفي ظل انتشار التكنولوجيا في مختلف أنحاء العالم فأصبح تعلم اللغات أبسط وأسهل من السابق بكثير، وزادت فرص الشخص في تعلم اللغات بجانب دراسته لأي تخصص أخر، حيث أصبح بإمكانه تعلم اللغات ذاتيا باستخدام التكنولوجيا التي أصبحت من أهم مصادر إتقان اللغات بشكل احترافي، نظرًا لما توفره للمتعلم من مصادر متعددة تجعله ليس بحاجة إلى معلم، بل يمكنه تعلم اللغة من البداية وحتى الاحتراف بمفرده بفضل وسائل التكنولوجيا. تتجلى أهمية استخدام التكنولوجيا في تعلم اللغات ودورها في زيادة أعداد المتعلمين للغات بشكل احترافي، في السطور القادمة سنوضح طرق الاستفادة من تلك التكنولوجيا في تعلم اللغات :
مواقع الترجمة الفورية والقواميس الرقمية : دائمًا ما كان يحمل متعلمي اللغات معهم قواميس ورقية تضم عشرات الآلاف من الكلمات ومعانيها، لإمكانية ترجمة أي كلمة صعب فهمها، أما الآن فالأمر أصبح أكثر تطورًا بفضل التكنولوجيا الحديثة ووجود الكثير من مواقع الترجمة الفورية التي تترجم النصوص والجمل بشكل محترف، بالإضافة إلى القواميس الرقمية التي سهلت على المتعلم لأي لغة العثور على معنى أي كلمة في أي وقت بشكل سريع. فالآن بإمكانك تحميل قاموس أي لغة تتعلمها على هاتفك ومعرفة معاني أي كلمة تقابلك بشكل بسيط ومعرفة النطق السليم لها باستخدام الناطق الصوتي، دون الحاجة لحمل القواميس الورقية التقليدية. ورغم أن سهولة الترجمة هي واحدة من المميزات القوية التي تميز القواميس الرقمية، لكن أهم ميزة هي توفر النطق الصوتي، وذلك لأن اللغة هي في الأساس وسيلة تواصل شفهية قبل أن تكون وسيلة تواصل كتابية، وطريقة نطق الكلمة اهم بكثير من طريقة كتابتها، فالقواميس الرقمية اليوم توفر النطق الصوتي (البشري) لكل كلمة وبأكثر من لهجة (مثل قاموس أكسفورد) وأحياناً توفر النطق الصوتي للجملة كذلك (مثل قاموس لونج مان)، وبالتالي فتلك القواميس لا تقدم لنا فائدة معرفة المعاني فقط، بل أنها تساعدنا في تحسين النطق واكتساب اللكنة.
الملفات الصوتية : لتعلم اللغة بشكل احترافي لابُد من تنمية مهارة الاستماع حتى يتم معرفة الطرق الأمثل لنطق الكلمات ومخارج الحروف، ولاسيما في حالة تعلم اللغات بشكل ذاتي، واليوم تتمثل أهمية استخدام التكنولوجيا في تعلم اللغات في توفير الملفات الصوتية باللغة التي تدرسها سواء عن طريق الاستماع لبعض الكتب والروايات أو الأغاني بشكل مجاني. فالتكنولوجيا سهلت لنا الاستماع للغة التي نتعلمها في حلنا وترحالنا فعبر الهاتف الذكي يمكن أن تستمع لطيف واسع من حلقات البودكاست الصوتية، تلك الملفات الصوتية التي تنزل إلى هاتفك بسهولة كلما لمست زر التحديث، فهنالك حلقات صوتية متخصصة بتعلم اللغات، وأيضاً حلقات صوتية متنوعة في مجالات كثيرة ودروب عديدة مواقع تعلم اللغات اليوم بضغطة زر واحدة على موقع البحث العالمي “جوجل” وكتابة مواقع تعلم اللغات واختيار اللغة التي تريد تعلمها، سيظهر أمامك كم هائل من المواقع المتخصصة في تعليم أي لغة من البداية وحتى الانتقال إلى مستويات احترافية، ويكون التعليم بشكل مرئي يتيح للمتعلم رؤية مخارج الحروف بشكل جيد، بالإضافة إلى إمكانية مشاهدة الأفلام والعديد من الأعمال الدرامية باللغة التي تدرسها.
المواد المرئية (الرقمية) : مشاهدة المواد المرئية ليست كالإستماع، المشاهدة تجذبك إليها حتى وإن لم تفهم الكلام، المشاهدة تضيف عنصر التشويق إلى العملية التعليمية، وتساعد المتعلم على الاستيعاب بشكل أفضل. يكفي أن نستشهد باليوتيوب كإحدى حسنات التكنولوجيا اليوم، فالمحتوى المرئي في هذه الشبكة يزداد يوماً بعد يوم، من كافة اللغات تقريباً، يمكن للمتقدم في اللغة أن يتابع ما يريد من قنوات هادفة أو مسلية، كما يمكن للمبتدئ أن يشاهد المسلسلات التعليمية السهلة أو يتابع قنوات تعليم اللغة المراد تعلمها، فهي تقوم مقام المدرس الخاص، تقدم لك الدروس بالصوت والصورة وتتفنن في إخراج المحتوى بأفضل طريقة.
التواصل مع العالم الخارجي : تعلم اللغات كما نعلم يحتاج إلى ممارسة عملية لتطويرها، ومواقع التواصل الاجتماعي اليوم جعلت العالم بأكمله كقرية صغيرة فلست بحاجة إلى السفر للممارسة اللغة أو الاندماج مع أهلها الأصليين، بل بإمكانك فعل هذا وأنت في مكانك من خلال التواصل مع أشخاص ناطقين بنفس لغة دراستك وتكوين صداقات جيدة معهم . فالانترنت سهل علينا إنشاء تجمعات رقمية يلتقي فيها المنتسبون إليها و يساعدون بعضهم البعض في ممارسة اللغة التي يتعلمونها عبر التحدث بها، فأنت في منزلك أو محيطك قد لا تجد من تتحدث معه باللغة المراد تعلمها، في حين أنه يجب عليك تدريب لسانك على التحدث بها إن أردت أن تصل إلى مستوى الطلاقة، لذلك فقد وفرت لنا التكنولوجيا الحل المريح عن طريق المواقع والتطبيقات التي تعمل كنقطة وصل كي يتعرف متعلمو اللغات على بعضهم البعض ويتواصلوا من أجل ممارسة اللغة التي يرغبون في تعلمها.